كيف يتعامل الباشا مع الرجل المشاكس الذي اعترض طريقه؟
محمد مجيد الدليمي
السياسي والقائد العسكري والدبلوماسي الذي تردد اسمه في دوائر السياسة والوزير الذي طالما تساقط حوله الوزراء وهو قائم دائم كأنه سجل منصب الوزارة باسمه حيث تولى منصب وزير الخارجية ست مرات ورئاسة الوزراء العراقية لمدة اربع عشرة مرة ابن بغداد الوفي وصديق وحليف الانكليز الامين انه الباشا نوري السعيد رئيس وزراء العراق في العهد الملكي. ومن لم يسمع به لقد كثر الحديث عنه اليوم واثيرت التساؤلات عن كيفية حكمه للعراق لفترات متعددة، وكيف كان يعالج الازمات والامور التي تحدث له؟.
ذاكرة الناس وخاصة البغاددة القدامى ما زالت تختزن بعض الحكايات عنه وعن مواقفه الطريفة ومن هذه الحكايات حكاية طريفة رواها بغدادي كبير السن ممن نثق به ومفادها اعتاد الباشا نوري السعيد الخروج صباح كل يوم بسيارته مع سائقه ومرافقه متجها الى مقر عمله (مجلس الوزراء) حيث يمر بساحة الميدان وذات يوم واذا برجل مشاكس رث الملابس وعلى وجهه امارات الفقر والعوز والثمالة يقف في ساحة الميدان اثناء مرور سيارة الباشا ويصرخ باعلى صوته (باشا… باشا) ويطلق من فيه (صوتاً) طويلاً (صوتاً نشازاً يدل على السخرية والاستهزاء) ابتسم الباشا وتجاهله ظنا منه بانه انسان مجنون معتوه وتكرر المشهد في اليوم التالي حيث وقف هذا الرجل وفعل نفس الفعلة على اثر ذلك طلب المرافق من الباشا ايقاف السيارة وتاديب هذا الرجل المشاكس ورميه في السجن الا ان نوري باشا رفض ذلك وقال: اتركوه وشأنه لان هذا الرجل المشاكس اذا ضرب وسجن فان المعارضين للحكومة في البرلمان سوف يقلبون الدنيا وسيفخمون الامر ويجعلون من الحبة كبة ويشنون حملاتهم الاعلامية علينا بعدما يؤولون الامر بخلاف حقيقته ويصيغونه ضدنا.
في اليوم التالي تكرر الامر نفسه فطلب الباشا من سائقه التوقف امام ذلك الرجل المشاكس المتمرد كما طلب من مرافقيه عدم الترجل من السيارة واخرج الباشا وجهه من نافذة السيارة ونادى على الرجل وقال له: (منعول الوالدين مدكلي شتريد مني..؟) فاجابه المشاكس: (باشا… الله يخليك اريد اتكلم مع جنابكم، وما لكيت غير هذه الطريقة للوصول اليكم) فرد عليه الباشا: ماذا تريد مني يا ابله؟ فقال الرجل المشاكس: (اني مفلس وما عندي فلوس اشتري بها طعام وعرق وصار لي اسبوع دايخ وما اعرف شسوي، وناس في المقهى نصحوني الى هذه الطريقة لمقابلتكم وطلب المساعدة لاني بملابسي هذه الوسخة لااستطيع مراجعة مكتبكم باشا)..
وابتسم الباشا وهدأ روعه واخرج من جيب سترته دينارين واعطاهما اياه وقال له: هذه الطريقة في مقابلتنا غير مؤدبة واياك ان تكررها معنا، وعليك ان تعمل ولا تبقى عاطلا وصعلوكا تتهجم علينا بهذه الطريقة واذا فشلت بالحصول على العمل او الفلوس تعال الى مكتبي واننا سوف نساعدك واعطاه كارتا فيه اسم مرافق الباشا يبرزه عند المراجعة فرح الرجل المشاكس بمكرمة الباشا نوري السعيد والتي جاءت بعد هذه المغامرة الجنونية التي لم يعاود بعدها تكرارها.